مع اقتراب ترام الرمل من محطة " أبو شبانة " وهو اسمها الرسمي الحالي ، أو محطة " باكوس " وهو اسمها الأشهر مابين السكندريين ، ينادي " كمساري الترام " منبها ومداعبا الركاب باقتراب توقف الترام بمحطة " الصين الشعبية " ، بينما ينادي البعض الأخر منهم على ذات المحطة بمسمى محطة " العاصمة " ، وهو بالفعل اللقب المناسب لتلك المنطقة وهذه المحطة ، فمنطقة وحي " باكوس " بالنسبة للرمل بمثابة العاصمة من الدولة ، حيث الكثافة السكانية العالية والامتدادات العمرانية التي لا تنتهي فجارت على أراضي زراعية كانت يوما ما تمثل ظهيرا لتلك المنطقة ، وحيث تقع الأسواق الشهير لكافة المنتجات والمصنوعات والحاصلات كسوق الخضار وحلقة الأسماك و المخابز ومحلات الجزارة والدواجن ، وكذا محلات الملابس والأحذية والأدوات الكهربائية وتجمعات الصاغة من بائعي الذهب والحلي ، كما تنتشر بمنطقة " باكوس " المقاهي التي تجمع على كثرتها كافة قاطني حي " الرمل " للتلاقي اليومي بإحدى تلك المقاهي الشهيرة .
- يرجع تاريخ ونشأة منطقة " باكوس " إلى فترة حكم الخديوي " محمد توفيق باشا " قبيل الاحتلال البريطاني لمصر بسنوات قلائل ، فمع توجيه العمران جهة ضاحية " الرمل " في عهد الخديوي " إسماعيل " بدأ العمران يدب في تلك المناطق التي كانت حتى تلك الفترة لا تزال تحمل سمات المناطق الريفية حيث تتناثر التجمعات السكانية كالقرى ، ومع الشروع في مد السكك الحديدية لخط ترام الرمل في عهد والي مصر " محمد سعيد باشا " واستكماله وافتتاحه في عهد الخديوي " إسماعيل " عام 1863م ، بدأت تلك المناطق في التحول من النمط الريفي القروي إلى التحول للنمط الحضري ، حيث ارتبط العمران بالمحاور العمرانية الطولية التي تخترق تلك المناطق ، وبخاصة محور خط ترام الرمل الحديدي حيث تم مده أولا من " محطة الرمل " ( محطة الإسكندرية ) ، وحتى محطة " بولكلي " ثم امتد ليصل إلى منطقة " السراي " ليخدم هنالك " سراي الرمل " التي أنشئها " إسماعيل " ، بينما كان المحور المؤثر الثاني على عمليات العمران بتلك المناطق هو ذلك الطريق الذي فتحه الخديوي " إسماعيل " ابتداء من منطقة " باب رشيد " ( باب شرق حاليا ) ليصل شرقا حتى منطقة " المندرة " ( طريق أبو قير أو الحرية وجمال عبد الناصر حاليا ) ، فضلا عن محور ترعة " المحمودية " في الجنوب حيث عمرت المناطق الزراعية وازدهرت بعد شق والي مصر " محمد علي باشا " لتلك الترعة منذ عام 1820م . - ومنذ قيام الخواجة " زيزينيا " باستثمار أمواله بشراء الأراضي بضاحية " الرمل " ، قام العديد من المستثمرين من أبناء الجاليات الأجنبية المقيمين في الإسكندرية ، وبخاصة في عهد الخديوي " إسماعيل " حيث تملكوا العزب والأراضي الزراعية وبخاصة على ضفاف ترعة " المحمودية " ، كذلك تملكوا مساحات واسعة من الأراضي الفضاء الواقعة على خط ترام الرمل الناشىء بهدف الاستثمار فيها كأراضي للبناء ، ومن هؤلاء المستثمرين أحد الشوام الذين قدموا إلى مصر ويدعى " خليل باغوص" _-كان والده الحاج " حسين عبد الناصر " يعمل في تلك الفترة بمصلحة البريد ، وكان يتنقل مابين الحين والأخر من مكتب بريد إلى مكتب بريد أخر ليستقر المقام به في تلك الأثناء بمكتب بريد " باكوس " ( وهو لا زال قائما وللآن في ذلت مكانه بشارع الفتح على خط ترام الرمل بباكوس ) ، و لتستقر معه أسرته في بجوار عمله في منطقة " باكوس " حيث ينجب في ذلك العام 1918م أشهر من أنجتهم " باكوس " حيث يخطو أولى
( الزعيم الخالد " جمال عبد الناصر " بين أفراد أسرته وهو مازال طفلا صغيرا في العشرينيات من القرن العشرين ، وكذا مع والده الحاج " حسين عبد الناصر " والذي عمل بمكتب بريد " باكوس " بالإسكندرية عام 1918م حيث ولد في تلك الفترة وفي هذه المنطقة الزعيم الخالد ، ليتحول منزله بمنطقة " باكوس " أخيرا إلى متحف لتاريخ الزعيم )