لم يكن يوم 25 يناير 1952 الذى شهد آيات من البطوله والفداء إلا صفحه من صفحات الكفاح التى قدمها الشعب المصري على مر التاريخ فداء للوطن العزيز. وبداية هذه المعركة الضارية التى شهدت إستبسال مجموعة صغيرة من الجنود مسلحين بسلاح بدائي أمام قوة عسكرية مدججة بالسلاح ربما تعود إلى يوم الإثنين 8 اكتوبر من عام 1951 عندما أعلن الزعيم مصطفي النحاس رئيس وزراء مصر حينئذ أمام البرلمان المكون من مجلسي النواب والشيوخ الغاء معاهده 1936 والغاء اتفاقيتي الحكم الثنائي المعقودتين بين مصر وبريطانيا في 19 يناير و11 يوليو 1899 بشأن اداره السودان.
حينها أعلن السفير البريطاني لدى القاهره، السير رالف سينفنسون، أن الغاء المعاهده من جانب مصر وحدها عمل غير قانوني وان الحكومه البريطانيه ستتمسك بالمعاهده وتعتبرها ساريه المفعول.
لكن البرلمان المصري أعلن تاييده التام للحكومه في موقفها، كما سارت المظاهرات الشعبيه الحاشده في القاهره والاسكندريه والمدن الكبري تبدي تاييدها للحكومه في الغاء المعاهد وتعلن عن مطلبها في الحصول علي السلاح استعدادا لخوض معركه الكفاح المسلح ضد الاحتلال البريطاني الذي يجثم علي صدر مصر منذ اكثر من70 عاما.
وظهرت المقاومه وعدم التعاون من جانب المصريين بوضوح وكانت اكبر ضربه هي انسحاب ما يزيد علي ستين الف عامل مصري من المعسكرات البريطانيه مضحين بمرتباتهم التي كانت مصدر رزقهم الوحيد وهاجر معظمهم الي القاهره والاقاليم وقابلت الحكومه هذه الحركه الوطنيه الرائعه بالتاييد والتشجيع فالحقت العمال المنسحبين جميعا بالوزارات والمصالح المختلفه وصرفت لهم اجورهم منذ انقاطعهم عن العمل وبلغ ما تحملته الحكومه في عام واحد سته ملايين جنيه وكانت لمشاعر العداء وعدم التعاون التي اظهرها المصريون تجاه قوات الاحتلال البريطانيه صدي بعيد سواء في داخل مصر او في المجال الدولي فقد جاءت دليلا قاطعا علي عدم جدوي بقاء القاعده البريطانيه في منطقه القناه بين شعب يكن لها العداء والكراهيه.
وكانت خطه البريطانيين لمواجهه حركه الكفاح الشعبي هي الاستيلاء علي جميع المرافق الحيويه والاماكن المهمه في مدن القناه الثلاث بورسعيد والاسماعيليه والسويس وسد مداخل الطرق القادمه من القاهره والدلتا الي منطقه القناه لعزل هذه المنطقه عن باقي البلاد عزلا تاما واقامه حكم عسكري بريطاني لا يعترف بوجود السلطه الشرعيه المصريه ومقاومه كل حركه مقاومه باشد صنوف العسف والارهاب.
وفي المقابل لبى شباب مصر واجب الجهاد في سبيل الوطن فتطوع كثير منهم للكفاح ضد البريطانيين في منطقه القناه وتألفت من صفوفهم كتائب من الفدائيين في القاهره وبعض المدن والقري القريبه من المنطقه وقامت كتائب الفدائيين المكونه من الطلاب والعمال بالعديد من العمليات الهجوميه علي المعسكرات والمنشات البريطانيه ضد جنود الاحتلال وهو ما كان له أكبر الأثر في انهيار معنوياتهم وقيامهم بحملات تفتيشيه هوجاء للبحث عن اماكن التدريب والايواء والمخازن السريه للاسلحه والذخيره وحتي دور العباده والمقابر لم تسلم من تفتيشهم.
وقد اثار انضمام قوات الشرطه الي القوي الشعبيه في حركه الكفاح المسلح ضد القوات البريطانيه وقيامها بالرد برغم اسلحتها الضعيفه علي اعتداءات القوات البريطانيه ضد الاهالي ثائره القوات البريطانيه فاخذت قواتها تتحرش برجال الشرطه المصريين حتي تسنح لها الفرصه للانتقام منهم.