في يوم 20 أكتوبر 1973 أصبح التواجد الإسرائيلي غرب القناة كبيرا بعد إستغلال الجيش الإسرائيلي لثغرة الدفرسوار بالعبور إلى غرب القناة، وتم تكليف فرقة (آدن) الإسرائيلية بالتقدم جنوبا إلى السويس، وكانت القوات المصرية قد نجحت في دحر الهجوم الإسرائيلي في إتجاه الإسماعيلية بواسطة اللواء 150 مظلات واللواء 15 مدر. وقد تكبد العدو الإسرائيلي في ذلك اليوم خسائر فادحة هي الأكبر طوال أيام حرب أكتوبر من حيث العتاد والأرواح وكان القتال يدور بجميع الأسلحة من المدفعية إلى المدرعات ومن الصواريخ إلى الطيران. ولم يكن أمام العدو سوى إستخدام أسلوب حرب العصابات التى يجيدها وعلى الفور أندفعت أعداد قليلة من مدرعاته (من 4 إلى 7) في كل إتجاه لتشتيت القوات المصرية.
وفي اليوم نفسه قامت فرقتي (آدان) و(ماهيه) الإسرائيليتان بالتقدم نحو السويس وقطعتا طريق القاهرة-السويس.
وفي اليوم التالي قام الجنرال (آدن) بالإندفاع بفرقته المدرعة نحو السويس، ومع حلول منتصف ليلة 22 أكتوبر صدر قرار مجلس الأمن رقم 338 بوقف إطلاق النار وكانت القوات الإسرائيلية وقتها على بُعد 35 كم شمال السويس. وبرغم إلتزام مصر بقرار مجلس الأمن فإن إسرائيل –كالعادة- بدأت في التحرك بإتجاه السويس كآخر مكسب يمكن أن تحققه في الحرب.
ومع منتصف ليلة 23 أكتوبر وصل لوائين مدرعين إلى مشارف المدينة في الوقت الذى كانت فيه فرقة الجنرال (ماجن) تحاول عزل السويس عن العاصمة. ورغم أن القوات الإسرائيلية فقدت نحو 200 دبابة أثناء تقدمها إلا أنها أصبحت مع نهاية ليلة 23 أكتوبر على مشارف السويس التى كانت على موعد مع التاريخ لتسجل واحدة من أعظم معارك الدفاع عن الأرض والكرامة ولتجعل من عتباتها مقبرة للغزاة.
مع الساعات الأولى من يوم 23 أكتوبر أدرك شعب السويس أن القوات الإسرائيلية على وشك مهاجمة المدينة ولذلك فقد أستعد كل من في المدينة للزود عن الأرض. ولأن السويس لم يكن بها في ذلك الوقت أي وحدات عسكرية نظامية فقد أعتمد الأهالى على السلاح الخفيف. وأصبح عبئ الدفاع عن المدينة على عاتق رجال الشرطة وأبطال منظمة سيناء العربية التى كانت تضم بين جنباتها مجموعة من أروع الفدائيين.
وفي اليوم نفسه أصدر مجلس الأمن قرارا ثانيا بوقف إطلاق النار على أن يبدأ سريانه أعتبارا من السابعة من صباح 24 أكتوبر.
ومع أول ضوء من يوم 24 أكتوبر بدأ العدو في دك المدينة بالطيران ثم أشتركت المدفعية في القصف في الوقت الذى بدأ الفدائيين في تنظيم أنفسهم، ولاحظوا أن القصف يتحاشى مداخل المدينة فأدركوا أن العدو سيستخدم هذه المداخل في أقتحام المدينة وعلى الفور تم تعديل أماكن الكمائن، وكما توقعوا بدأت الدبابات الإسرائيلية التقدم على ثلاث محاور:
- محور المثلث وهو المدخل الغربي للمدينة ناحية الطريق الرئيسي القادم من القاهرة إلى السويس وأمتداده هو شارع الجيش وميدان الأربعين.
- محور الجناين عبر الطريق القادم من الإسماعيلية حيث المدخل الشمالي للسويس حتى منطقة الهويس ثم شارع صدقي ومنه إلى ميدان الأربعين.
- محور الزيتية وهو المدخل الجنوبي للمدينة من ناحية ميناء الأدبية وعتاقة بمحاذاة الشاطئ ويمتد حتى مبنى محافظة السويس والطريق المؤدي إلى بورتوفيق.
وقام الفدائيون بنصب الكمائن على المحاور الثلاثة:
فهناك كمين رئيسي وعدة أكمنة فرعية عند كوبري الهويس على أمتداد محور المثلث وكمين رئيسي عند مزلقان البراجيل بشارع الجيش وبه أفراد من القوات المسلحة والشرطة والمدنيين بقيادة أحمد أبو هاشم وفايز حافظ أمين من منظمة سيناء العربية.
وفي ميدان الأربعين كمين آخر يضم محمود عواد قائد الفدائيين ومعه محمود طه وعلي سياق من المدنيين إضافة إلى عدد من الجنود ورجال الشرطة.
وكمين آخر عند مزلقان السكة الحديد بجوار مقابر الشهداء ويضم محمود سرحان وأحمد عطيفي وإبراهيم يوسف إضافة إلى عدد من الجنود ورجال الشرطة.
وكمين آخر حول ميدان الأربعين به عبد المنعم خالد وغريب محمود غريب من منظمة سيناء ومعهم آخرون.
وعند مبنى المحافظة كمين آخر يقوده نقيب شرطة حسن أسامة العصر ومعه بعض الجنود. أصبحت السويس محاصرة تماما بفرقتين مدرعتين، وقبيل بزوغ الصباح وسريان وقف إطلاق النار بدأت القوات المعادية التقدم ودخلت المدينة دون مقاومة، وكانت خطة الفدائيين هي إدخال القوات الإسرائيلية الشرك ثم محاصرتها وهي نفس الخطة التى أستخدمها أهالى مدينة رشيد المصرية ضد حملة فريزر الإنجليزية عام 1807!.
وبدأت الدبابات الإسرائيلية في السير بما يشبه النزهة داخل المدينة التى بدت خالية على عروشها حتى أن بعض الجنود الإسرائيليين نزلوا لإلتقاط بعض التذكارات من الشوارع.
وفجأة فتحت السويس أبواب الجحيم في وجه العدوان!