زائر زائر
| موضوع: الفن التجريدي وموسيقا الألوان الثلاثاء 19 أغسطس - 12:59:23 | |
| تداعيات الفنون التشكيلية الحديثة اثمرت ظهور معطيات وثقافة جديدة ومغايرة, اعتبرت بمثابة المدخل الحقيقي للدخول الى لغة الحوار التشكيلي,الذي يتأتى عبر توضيحات جمالية تثير انتباه المشاهد, وتبعث احلام المناخ الملون في اللوحة. فاللون هو المنطلق الرحب لاستشفاف الموسيقى البصرية المقروءة في اللوحة الحديثة, هو المرجع الاكثر ايقاعية وغنائية وحيوية وشاعرية, هو القوة الايحائية الرمزية والدلالية, هو الايقاع البصري الذي يعطي اللوحة مداها لتطرب العين . في هذا المجال كتب الفنان العالمي ( بول كلي ) يقول ( يجب ان نعود العين على الانصات الى اللوحة) فالنوتة الموسيقية البصرية بالنسبة له ولمجمل الفنانين المعاصرين يمكن ان تكون مقروءة في الدلالات الاشارية اللونية والخطية. والفنان المعاصر يضع ضرباته اللونية المتتابعة على سطح اللوحة ليصوغ باللمسة ايقاعية اللون ونسيج الاحساس الذي يفتت العناصر التشكيلية الواقعية ويبرزها كنوتات موسيقية متدرجة في تناغمها ومنعكسة في توهجها. فالدمج ما بين الغنائية والعقلانية في توزيع اللون اي ما بين الايقاع العفوي والهندسي وتداخل السطوح والحركات اللونية ثم التحول لاظهار علاقة الخط بالمساحة والكتلة بالنقطة او بالخط وما الى ذلك من ايقاعات تشكيلية متنوعة توصلنا في نهاية المطاف الى تنويعات النغم الموسيقي وتبدلاته الايقاعية. واللوحة الحديثة على هذا الاساس تبدو كصفحات من نوتات موسيقية ملونة لسوناتات او سمفونيات او مقطوعات منسابة كتداعيات او رغبات او ذكريات حاضرة في سياق التأليف والتلوين التشكيلي الذي يوحي بالموسيقا . هكذا اصبح الفنان المعاصر وبطريقة سحرية قادراً على توأمة الموسيقا بالفن التشكيلي من خلال كتابة فصول تكاوين عناصره البصرية او ما يسمى بالاحساس التلقائي في صياغة حركات اللون العفوي المتتابع دون توقف والذي تتوالد من ايقاعاته مؤشرات الاحساس بالموسيقا البصرية. فعمق الفن التجريدي الحديث يكمن في القدرة على الاستفادة من الامكانات اللامحدودة لموسيقا الالوان والخطوط ولهذا فكل الكتابات و الاراء التي تشير الى ان التجريد اللوني على سبيل المثال, قد استنفد, وبأننا امام مرحلة العودة الى الصياغات الشكلية ,تعني انها لم تفهم بعد جوهر جمالياته فالفن التجريدي هو الاكثر قدرة على حمل الايقاعات اللونية الغنائية التي توحي بالموسيقا البصرية في المدى التشكيلي إلا ان الخلل الاكبر الذي اصاب العديد من التيارات التشكيلية الحديثة المحلية والعربية يكمن في ارتباطها المباشر بالاجواء المستهلكة والمألوفة والمطروحة في الفنون العالمية منذ عقود. فاللوحة الحديثة اصبحت مع هؤلاء مجرد مهارة تقنية او مهنية اقرب ما تكون الى الصنعة التي تكلس الرؤية الفنية وهذا يشير على الاقل الى غياب روح المغامرة والابداع واجترار مفردات تشكيلية شائعة ومعروفة ومطروحة بكثرة في ثقافة فنون العصر وهذا ما ادى الى الابتعاد عن مميزات البحث الاسلوبي والخصوصية الذاتية في صياغة ايقاعات اللون وموسيقى الخطوط . الثورة
|
|